مقدمة :
بعيداً عن الخوض في النقاشات التي تدور أحياناً حول نظرية المؤامرة و الاختلافات في الآراء بين مؤكد على وجودها و بين معارض لذلك ، فأن استقراءنا للتاريخ يؤكد لنا دون مجال للشك بأن ما يدور الآن على الساحة العالمية ليس وليد الصدقة و ليس وليد اللحظة حيث أن كل حالة من الحالات الراهنة خطط لها بأن تكون كذلك ، فالخطوط و الخطوات الاستراتيجية مرسومة على مدايات بعيدة أما التكتيك فيتغير حسب ما يمكن أن يخدم تلك الاستراتيجية و حسب ما ييسر وصولها إلي الهدف المنشود .
فمشروع الشرق أوسطية بكل خفاياه وأبعاده الاقتصادية و السياسية و كذلك الثقافية ليس حدثاً طارئاً بل هو مشروع قديم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى سارت الأحداث الراهنة في إطار المنطقة المستهدفة بما يخدم التعجيل بظهور هذه الحالة .
إن الأحداث الاقتصادية و السياسية التي تدور على الساحة العربية و ما حولها قد جعلت العرب ما يكادون يفيقون من صدمة إلا و أعقبتها صدمة أخرى ما جعل القادة العرب يرون ما كان يعد أمراً مستبعداً حقيقة واقعة تجسدها تفاصيل الحياة السياسية و الاجتماعية و هو ما يؤكد على أن الأمن القومي و الإقليمي مهدد تهديداً مباشراً ، حيث أن ذلك يدعو إلي خلق استراتيجية جديدة تتمشى مع عصر العولمة الذي رسم نظاماً عالمياً جديداً ذو أبعاد قديمة لا يستطيع التعايش معه إلا الواعون لما يدور حولهم المخططين لما ينقذهم من دوس سنابك العولمة .
ومع علمنا بصعوبة تغطية هذا الموضوع من كل جوانبه و بكل تفاصيله إلا أننا سنحاول تسليط الضوء على بعض جوانبه التاريخية و السياسية و الاقتصادية و كيفية التصدي للأخطار الكامنة وراء هذا المشروع .
المفهوم المدرك لمصطلح الشرق الأوسط :
إن مصطلح الشرق الأوسط بمفهومه الجغرافي لا اختلاف عليه ، حيث أنه يشير إلي منطقة محددة على خارطة العالم معروفة للجميع ، لكنه عندما يكون نابعاً من خلفية سياسية رسمتها أُطر و حدود النظام العالمي الجديد فأن هذا المفهوم يتغير إلي معاني جيوبوليتيكية يفرضها ذلك النظام الجديد الذي وُضعت مقاييسه في النصف الأول من القرن العشرين ، بما يجعل الشمال أو الغرب يستفيد باستمرار من خيرات الجنوب .
لقد أشار " تشومسكي " إلي أن التقسيمات الاقتصادية العالمية الموجودة الآن أفرزت ثلاثة مراكز قوية حتي و أن اختلفت درجة قوتها ، و هي أمريكا كطرف أقوى ثم تليها أوربا فاليابان ، أما باقي الدول فيضمها ما كان يسمى بالعالم النامي أو العالم الثالث ، والوطن العربي بطبيعة الحال ضمن هذا التصنيف الأخير، لقد أورد ( تشومسكي ) تقريراً صادراً عن هيئة تخطيط السياسية في الخارجية الأمريكية في عام 1948 – 1949 ف يقول : بعد الحرب العالمية الثانية تعززت أهمية الدور الخدمي التقليدي للجنوب بسبب التحقق من أن الأغذية و الوقود القادمين من أوربا الشرقية لم يعودا متوفرين للغرب بمستويات ما قبل الحرب ، لقد حُددت مكانة ووظيفة كل منطقة من قبل المخططين بحيث ستتولى الولايات المتحدة ، أمريكا اللاتينية و الشرق الأوسط مع مساعدة و كيلها البريطاني في الأخير ، و كان على أفريقيا أن تستغل لإعادة إعمار أوربا ، بينما يؤدي جنوب شرق آسيا وظيفته الرئيسية كمصدر للمواد الخام لكل من اليابان و غرب أوربا (1).
من ذلك ندرك بأن ( الشرق أوسطية ) فكرة تم التخطيط لها قديماً رغم بروزها لواجهة الأحداث خلال العقد الأخير من القرن العشرين و ما تلى ذلك من سنوات ، حيث أصبح هذا المفهوم الجديد يحاصر أفكارنا و مسامعنا من خلال و سائل الإعلام المختلفة ليفرض علينا فهماً جديداً للمصطلح يجب علينا أن نتعامل معه و أن نتكيف معه مثلما أراد له الغرب أن يكون ، فوقع إعلامنا العربي كما وقع بعض مثقفينا في الشرك و أصبحوا يرددون مصطلح ( الشرق أوسطية ) كبديل عن الوطن العربي أو العرب أو القومية العربية أو الفضاء العربي .
فالتقدم التكنولوجي و التدفق المعرفي و ازدياد و انتشار المعلومات عن طريق وسائل الاتصال الحديثة قد ساعد على انهيار المكان و الزمان و الحدود ، و ربما كاد أن يخلق قرية عالمية ، و لكن لا يمكن لكل فرد أن يصبح مواطناً فيها ، فالصفوة المهنية العالمية تواجه حدوداً منخفضة ، ولكن بلايين آخرين يجدون أن الحدود ليست أقل ارتفاعاً مما كانت عليه في أي وقت مضى (2). .
~
بعيداً عن الخوض في النقاشات التي تدور أحياناً حول نظرية المؤامرة و الاختلافات في الآراء بين مؤكد على وجودها و بين معارض لذلك ، فأن استقراءنا للتاريخ يؤكد لنا دون مجال للشك بأن ما يدور الآن على الساحة العالمية ليس وليد الصدقة و ليس وليد اللحظة حيث أن كل حالة من الحالات الراهنة خطط لها بأن تكون كذلك ، فالخطوط و الخطوات الاستراتيجية مرسومة على مدايات بعيدة أما التكتيك فيتغير حسب ما يمكن أن يخدم تلك الاستراتيجية و حسب ما ييسر وصولها إلي الهدف المنشود .
فمشروع الشرق أوسطية بكل خفاياه وأبعاده الاقتصادية و السياسية و كذلك الثقافية ليس حدثاً طارئاً بل هو مشروع قديم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى سارت الأحداث الراهنة في إطار المنطقة المستهدفة بما يخدم التعجيل بظهور هذه الحالة .
إن الأحداث الاقتصادية و السياسية التي تدور على الساحة العربية و ما حولها قد جعلت العرب ما يكادون يفيقون من صدمة إلا و أعقبتها صدمة أخرى ما جعل القادة العرب يرون ما كان يعد أمراً مستبعداً حقيقة واقعة تجسدها تفاصيل الحياة السياسية و الاجتماعية و هو ما يؤكد على أن الأمن القومي و الإقليمي مهدد تهديداً مباشراً ، حيث أن ذلك يدعو إلي خلق استراتيجية جديدة تتمشى مع عصر العولمة الذي رسم نظاماً عالمياً جديداً ذو أبعاد قديمة لا يستطيع التعايش معه إلا الواعون لما يدور حولهم المخططين لما ينقذهم من دوس سنابك العولمة .
ومع علمنا بصعوبة تغطية هذا الموضوع من كل جوانبه و بكل تفاصيله إلا أننا سنحاول تسليط الضوء على بعض جوانبه التاريخية و السياسية و الاقتصادية و كيفية التصدي للأخطار الكامنة وراء هذا المشروع .
المفهوم المدرك لمصطلح الشرق الأوسط :
إن مصطلح الشرق الأوسط بمفهومه الجغرافي لا اختلاف عليه ، حيث أنه يشير إلي منطقة محددة على خارطة العالم معروفة للجميع ، لكنه عندما يكون نابعاً من خلفية سياسية رسمتها أُطر و حدود النظام العالمي الجديد فأن هذا المفهوم يتغير إلي معاني جيوبوليتيكية يفرضها ذلك النظام الجديد الذي وُضعت مقاييسه في النصف الأول من القرن العشرين ، بما يجعل الشمال أو الغرب يستفيد باستمرار من خيرات الجنوب .
لقد أشار " تشومسكي " إلي أن التقسيمات الاقتصادية العالمية الموجودة الآن أفرزت ثلاثة مراكز قوية حتي و أن اختلفت درجة قوتها ، و هي أمريكا كطرف أقوى ثم تليها أوربا فاليابان ، أما باقي الدول فيضمها ما كان يسمى بالعالم النامي أو العالم الثالث ، والوطن العربي بطبيعة الحال ضمن هذا التصنيف الأخير، لقد أورد ( تشومسكي ) تقريراً صادراً عن هيئة تخطيط السياسية في الخارجية الأمريكية في عام 1948 – 1949 ف يقول : بعد الحرب العالمية الثانية تعززت أهمية الدور الخدمي التقليدي للجنوب بسبب التحقق من أن الأغذية و الوقود القادمين من أوربا الشرقية لم يعودا متوفرين للغرب بمستويات ما قبل الحرب ، لقد حُددت مكانة ووظيفة كل منطقة من قبل المخططين بحيث ستتولى الولايات المتحدة ، أمريكا اللاتينية و الشرق الأوسط مع مساعدة و كيلها البريطاني في الأخير ، و كان على أفريقيا أن تستغل لإعادة إعمار أوربا ، بينما يؤدي جنوب شرق آسيا وظيفته الرئيسية كمصدر للمواد الخام لكل من اليابان و غرب أوربا (1).
من ذلك ندرك بأن ( الشرق أوسطية ) فكرة تم التخطيط لها قديماً رغم بروزها لواجهة الأحداث خلال العقد الأخير من القرن العشرين و ما تلى ذلك من سنوات ، حيث أصبح هذا المفهوم الجديد يحاصر أفكارنا و مسامعنا من خلال و سائل الإعلام المختلفة ليفرض علينا فهماً جديداً للمصطلح يجب علينا أن نتعامل معه و أن نتكيف معه مثلما أراد له الغرب أن يكون ، فوقع إعلامنا العربي كما وقع بعض مثقفينا في الشرك و أصبحوا يرددون مصطلح ( الشرق أوسطية ) كبديل عن الوطن العربي أو العرب أو القومية العربية أو الفضاء العربي .
فالتقدم التكنولوجي و التدفق المعرفي و ازدياد و انتشار المعلومات عن طريق وسائل الاتصال الحديثة قد ساعد على انهيار المكان و الزمان و الحدود ، و ربما كاد أن يخلق قرية عالمية ، و لكن لا يمكن لكل فرد أن يصبح مواطناً فيها ، فالصفوة المهنية العالمية تواجه حدوداً منخفضة ، ولكن بلايين آخرين يجدون أن الحدود ليست أقل ارتفاعاً مما كانت عليه في أي وقت مضى (2). .
~
السبت 06 مارس 2021, 12:13 pm من طرف أبوعماد
» روابط كتب في المنهجية والبحث العلمي وإعداد البحوث
الخميس 03 سبتمبر 2020, 2:46 pm من طرف sirdasird1
» برنامج ممتاز للتصميم picmix
الإثنين 04 يوليو 2016, 12:05 pm من طرف أبوعماد
» الشباب
الأحد 20 مارس 2016, 7:08 pm من طرف أبوعماد
» ظاهرة تفوّق الإناث على الذكور في الدراسة
الخميس 06 أغسطس 2015, 10:18 am من طرف أبوعماد
» دعاء في العشر الأواخر من رمضان
الخميس 09 يوليو 2015, 8:54 am من طرف أبوعماد
» فيديو .. بوسكيتس يسخر من رونالدو أثناء الكلاسيكو ويشبهه بالأطفال
الثلاثاء 29 أكتوبر 2013, 9:10 am من طرف أبوعماد
» ميسي ونيمار ... ثنائ مرعب في مستقبل برشلونة
الثلاثاء 04 يونيو 2013, 9:36 am من طرف أبوعماد
» بالصور .. ميسي ورفاقه يطوفون شوارع برشلونة احتفالا بلقب الليجا
الثلاثاء 14 مايو 2013, 9:52 am من طرف أبوعماد