التنشئة الاجتماعية ودورها في انحراف الأحداث (2)
نظرية سياسة عدم التدخل Laissez-Faire:
تستند هذه النظرية تاريخياً إلي فكرة سياسة عدم التدخل التي نادي بها جان جاك روسو ومضمون هذه الفكرة أن الطفل يمتلك قوي فطرية طبيعية " استعدادات " ، و أن جميع مجالات شخصيته معدة منذ الولادة للنمو ، و أن الفطرة تتجلي في جميع سياقات النمو المتعددة و الجزئية .
ومن أصحاب هذه النظرية أيضا بستالوتزي "Pustalozzi " و فروبل " Frobel " و جيزل " Gesell " و قد أكد هؤلاء على ضرورة عدم التدخل من الأسرة أو المدرسة في تعليم الأطفال أو تحديد أهداف قسرية لهم ، فإذا كان الطفل مقبولاً و لم توصد الأبواب أمام إشباع حاجاته ، فإنه ينمو شخصاً سعيداً خلقياً و اجتماعيا .
من هذا المنطلق يتضح أن هدف عملية التنشئة الاجتماعية من وجهة نظر هذه النظرية ، هو تحويل الطفل إلى راشد من خلال استغراقه في ممارسة نشاطاته و استمتاعه بها .
وبشكل عام ، فان عملية التنشئة الاجتماعية حسب هذه النظرية تقوم على الدور الايجابي للطفل مقابل الدور السلبي للأبوين .
نظرية تشكيل الطفل ( Claymoulding Theory) :
تستند مفاهيم هذه النظرية تاريخياً إلي فكرة جون لوك التي شبه فيها الطفل بالصفحة البيضاء الخالية ، و الطفل بهذا المعني يكون فارغ العقل يمكن تزويده بأي محتوي ذهني ، و يمكن ملؤه بأفكار مشتقة من الخبرات وحدها ، و أن هذه الخبرات يجب أن تزود من وكلاء الطفل .
ولم ينكر أصحاب هذه النظرية أن الطفل يأتي إلي هذه الدنيا ذا طبيعة فطرية و اجتماعية غير مشكلة ، و لكنها قابلة للتشكيل على نحو مطلق .
واجهت هذه النظرية عدة انتقادات أهمها نظرتها إلي الطفل كعضوية سلبية بالنسبة لإثارة الآخرين ، إذ يملك خصائص نفسية لها دور إثاري ، كما برزت صعوبات تتعلق بمفهوم التعزيز كآلية مبدئية لحساب تغير النمو .
وقد حاولت هذه النظرية أن تفسر التعلم الاجتماعي ، وكان من أبرز من عمل في هذا المجال الباحثان ميلر و دولارد ( Miller&Dollard ) حيث طورا عام 1941 ف منهجاً للتنشئة الاجتماعية يقوم على أساس المبادئ السلوكية في التعلم من حيث وجود الدافع و الإثارة أو الموجه و الاستجابة ، و يعتبر التقليد مفهوماً أساسياً في تعلم السلوك الاجتماعي عندهما .
وتنظر هذه النظرية إلي وكلاء التنشئة الاجتماعية كمسؤولين مسؤولية كلية عن تشكيل خبرات الطفل و صقلها باستخدام آليات محدودة ، كالتعزيز ، و بذلك يتضح دور الآباء و الأمهات الأساسي و الرئيس في انتقاء و تشكيل خبرات الطفل و إكسابه المعايير و المهارات و الاتجاهات و السلوكيات المرغوبة في مجتمعه .
نظرية الصراع Conflict Theory:
تستند مفاهيم هذه النظرية إلي مبدأ الخطيئة الذي كان يعتقد به كثير من الفلاسفة و الوعاظ ، و يصور هذا المبدأ الإنسان بان أمه حملته ثم ولدته في وضع من الخطيئة ، و من أنصار هذا المبدأ توماس هوبز Tomas Hobbs في القرن السابع عشر الذي يري أن الأطفال ، يمتلكون طبيعة فاسدة يمكن أن تصبح تهديداً لكافة القيم الاجتماعية ، و قد قدموا إلي هذا العالم كمتوحشين صغار همهم أن يحرزوا الانتصار على الآخرين بغض النظر عن الثمن .
ويرى ويسلى " Wesley " في القرن الثامن عشر أن تحطيم إرادة الطفل هو الطريق الوحيد للتعليم الديني ، و أن الأبوين يعملان مع الله في هذا المجال و أن طاعة السلطة و الخضوع لها هي الفضيلة الأساسية للطفل و لا تحصل هذه الفضيلة إلا بالضبط و العنف ( Schaffer 1984 ) و إن الأطفال حسب هذه النظرية يولدون ولديهم من الدوافع الفطرية الغريزية ما يحفزهم و يستفزهم للسلوك بطرق معينة لإشباع غرائزهم البهيمية الفجة .
وتتعارض هذه الرغبة الجامحة مع متطلبات الجماعة التي ينتمي إليها الطفل ، و كان (فرويد ) أكثر من وضح هذه النظرية و شرحها حيث صور الطفل بطبيعة مضادة لمتطلبات المجتمع و يملك من البواعث و الدوافع ما يجعله أنانياً و له طبيعة تخريبية متناقضة مع أو ضاع الحياة الاجتماعية ، و قد أطلق على هذا الوضع الذي يمتلكه الطفل اصطلاح " الهو " و هو يمثل مجموعة معقدة من الدوافع الغريزية الشهوية التي تحدد السلوك و توجهه وفق مبدأ اللذة .
النظرية البنائية الوظيفية :
تبلورت تلك النظرية بشكل واضح في ميدان دراسة الأنساق الاجتماعية عند تالكوت بارسونز و يدور المحور الرئيسي للمدخل البنائي حول تفسير و تحليل كل جزء " بناء " في المجتمع و إبراز الطريقة التي تترابط عن طريقها الأجزاء بعضها مع بعض ، و لهذا يكون عمل التحليل الوظيفي هو تفسير هذه الأجزاء و العلاقة بينها فضلا عن العلاقة بين الأجزاء و الكل في الوقت الذي توجه فيه عناية خاصة إلي الوظائف التي تكون محصلة لهذه العلاقة .
وأوضح بارسونز أن قيم الأسرة قد تأثرت بالأوضاع المهنية في المجتمع ، كما أصبحت مشاركة الوالدين خارج الأسرة لها نتائجها على أبنائها ، فالأسرة لم تعد بناء مستقلاً مغلقاً و لكنها أصبحت نسقا داخل البناء يتميز عن الأنساق الأخرى و لهذا التميز أهميته للأسباب الآتية :
1- أن الأسرة هي الأساس الذي تقوم عليه الأنساق الأخرى إذ تعتمد كل الأنساق في استمرارها و أدائها على ما يتعلمه الفرد داخل الأسرة من نماذج السلوك المرتبطة بالأدوار الاجتماعية
2- أن ارتباط و تفاعل الأبوين مع الأدوار التي يؤديانها في النسق الاجتماعي ينعكس على وظيفتها الأولي داخل الأسرة و هي التنشئة الاجتماعية
3- تهدف الأنساق الأخرى مثل المدرسة ، الصحبة ، إلي تنشئة الطفل اجتماعيا و مشاركة الأسرة في وظيفتها ولكن ذلك يتم في مرحلة لاحقة من مراحل نموالطفل .
_4 أن الأسرة مازالت تحتفظ بطابعها الاجتماعي حيث أن السلطة داخل الأسرة مازالت من اختصاص الوالدين ، و مازالت الأسرة هي النسق المسؤول عن تربية الأولاد بلا منازع حتي سن المدرسة .
يتبع ... إن شاء الله
السبت 06 مارس 2021, 12:13 pm من طرف أبوعماد
» روابط كتب في المنهجية والبحث العلمي وإعداد البحوث
الخميس 03 سبتمبر 2020, 2:46 pm من طرف sirdasird1
» برنامج ممتاز للتصميم picmix
الإثنين 04 يوليو 2016, 12:05 pm من طرف أبوعماد
» الشباب
الأحد 20 مارس 2016, 7:08 pm من طرف أبوعماد
» ظاهرة تفوّق الإناث على الذكور في الدراسة
الخميس 06 أغسطس 2015, 10:18 am من طرف أبوعماد
» دعاء في العشر الأواخر من رمضان
الخميس 09 يوليو 2015, 8:54 am من طرف أبوعماد
» فيديو .. بوسكيتس يسخر من رونالدو أثناء الكلاسيكو ويشبهه بالأطفال
الثلاثاء 29 أكتوبر 2013, 9:10 am من طرف أبوعماد
» ميسي ونيمار ... ثنائ مرعب في مستقبل برشلونة
الثلاثاء 04 يونيو 2013, 9:36 am من طرف أبوعماد
» بالصور .. ميسي ورفاقه يطوفون شوارع برشلونة احتفالا بلقب الليجا
الثلاثاء 14 مايو 2013, 9:52 am من طرف أبوعماد